Gtxarabia
Image default
الهواتف والإكسسورات

التعريب: بعيداً عن الترجمة والكلمات بقلم الدكتور رافد فطاني المدير العام الإقليمي لأليكسا، منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا

لا شك بأن اللغة العربية هي من بين اللغات الخمس الأكثر انتشاراً في العالم، واللغة الرسمية لأكثر من 28 دولة يبلغ إجمالي ناتجها المحلي حوالى 2.5 تريليون دولار أمريكي، مع أكثر من 420 مليون ناطق أصلي في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم، ممن يعتبرون اللغة العربية جزءًا من تراثهم وهويتهم الثقافية.

هذه الأعداد المتزايدة من الناطقين بالعربية لديهم شغف كبير بالتكنولوجيا، في حين تعتبر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من بين أكثر دول العالم اتصالاً بالإنترنت، مع وصول نسبة انتشاره إلى ما يقارب 100٪. هذا ما يفسر وجود شريحة كبيرة من المستخدمين متعطشين للمنتجات والخدمات التي تفهم لغتهم وثقافتهم.

جيل الشباب في المنطقة تمكن من تكييف استخدامه للتكنولوجيا في شتى المجالات ليواكب حاجاته، ليصل إلى استبدال الحروف العربية غير الموجودة على لوحة المفاتيح بالأرقام الإنجليزية، وتعريب المصطلحات الجديدة وحتى استخدام الكلمات الإنجليزية مثل “WiFi” و “remote” عندما تكون الكلمات باللغة العربية معقدةً أو طويلة.

لكن في الوقت نفسه لا يمكن تجاهل الجيل الأكبر سناً والذي لم يواكب التطورات الرقمية بذات الوتيرة، ما أوجب اعتماد اللهجة المحلية بشكل كبير من أجل نشر فكرة الشمول الرقمي وإتاحة التقنية أمام كل شرائح المجتمع.

على الرغم من أن والدتي تتحدث اللغة الإنجليزية، إلا أنها غير معتادة على استخدامها في التكنولوجيا. وأنا اعتبرها معياراً للنجاح، فهي تمتلك الفضول لتجربة أشياء جديدة ويمكنها أن تثق بالتكنولوجيا وتستخدمها أكثر إذا ما استطاعت تلبية احتياجاتها بلغتها. وفي حال استطعنا استمالة أشخاص مثلها لاستخدام التكنولوجيا، فإن ذلك سيكون بمثابة نجاح باهر لنا ولفكرة الشمولية الرقمية.

تحديات التقنيات الصوتية باللهجة المحلية

اليوم وعلى الرغم من أن التقنيات الصوتية للذكاء الاصطناعي تفهم وتتحدث عدة لغات، إلا أنه مازال هناك الكثير من التحديات لضمان سهولة استخدامها من قبل الجميع. مثلاً عندما يتعلق الأمر بخدمة المساعدة الصوتية للذكاء الاصطناعي، هناك العديد من الجوانب لتحدث اللهجة المحلية والتي يجب النظر إليها متجاوزين فكرة الترجمة فقط.

أولها، اختيار صوت يروق لأكبر شريحة من العملاء المحليين واختبار القدرة على التعرف على اللهجات المختلفة، من ثم مساعدة الذكاء الاصطناعي على فهم السياق والهدف، وتطوير شخصية تسعد العملاء، وتقديم ميزات وخدمات فريدة يقدرها العملاء.

ويمكن أن يكون النهج في تقديم الخدمة لجميع المستخدمين ومحاولة كسب أكثر من نصف مليار من المتحدثين باللغة العربية، أو التركيز على كل بلد على حدة. وقد قررنا في أمازون أليكسا اعتماد النهج الأخير ألا وهو التركيز على العملاء الذين نخدمهم في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في البداية.

لقد أردنا توفير تجربة محلية بالكامل لعملائنا من خلال بناء شخصية أليكسا، على سبيل المثال قادرة على ألقاء الشعر الخليجي وتتفاعل مع الأحداث والأخبار المحلية. كما أطلقنا في ديسمبر2021 ما يقارب من 200 مهارة باللغة العربية بالتعاون مع شركاء محليين، والذين يشكلون جزءاً من المجتمع، لأننا نؤمن بأنه لا يمكن لأي منظمة أن تسير في هذا الطريق بمفردها.

عند إطلاق أي لغة جديدة، نعمد إلى تدريب نموذج جديد للتعلم الآلي منذ البداية. ولا شك بأن اللغة العربية التي تحتوي على 12.3 مليون كلمة، مقارنة بـ 600 ألف كلمة باللغة الإنجليزية و150 ألف باللغة الفرنسية، تتطلب المزيد من التخصيص والمدخلات، نظرًا لأهمية السياق والهدف والاختلافات عبر دول المنطقة.

ومن أجل عملاؤنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تم إطلاق أليكسا القادرة على فهم جميع اللهجات الخليجية، والفصحى الحديثة، بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، كما يمكنها الرد باللهجة الخليجية أو الإنجليزية – بحسب إعدادات العميل. وكان لا بد من الاعتماد على الابتكار لمواجهة التحديات الرئيسية في بناء هذا النموذج اللغوي نظراً لعدم وجود قاموس باللهجات الخليجية أو مصدر واحد معتمد.

تتسم اللغة بالحيوية وهي تنمو وتتطور بمرور الوقت، وعلى الرغم من استخدام الفصحى الحديثة في الكتب والمعاملات الرسمية والمناسبات الرسمية، إلا أن الحديث بين الناس يدور بالعامية واللهجات المختلفة، وهي لهجات لم تكن لتستخدم في الكتابة قبل بضع سنوات، لكنها شقت طريقها إلى اللغة العربية الفصحى مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل النصية. فهل نلتزم بالوضع المثالي للغة قديمة ودائمة التطور؟ أم نعترف بتطوراتها الحديثة؟

أنا أرى أن دور التكنولوجيا هو تمكين الناس الراغبين في استخدامها باللغة العربية وبالشكل الذي يفضلونه. ولتجنب اقصاء المستخدمين الأصغر سنًا عند سماعهم لغة لا تمت لواقعهم بصلة، قررنا احتواء اللغة العربية وما تشهده من تطورات وما تزخر به من اللهجات من مصطلحات لتمكين مجتمعنا والتواصل معه.

التجربة اشبه بسماع لهجة مألوفة في بلد أجنبي، ما يصاحبه من الشعور بالراحة. من المنطقي أن تضيف الخدمة الصوتية للذكاء الاصطناعي قيمة أكبر لحياتنا إذا كانت تتحدث بلغتنا وتفهم ثقافتنا وعاداتنا. ببساطة، بات بإمكان أناس مثل أمي، لم يواكبوا التطورات التكنولوجية، الاستفادة من التكنولوجيا بطريقة هادفة. أليكسا يمكن أن توقظها لأداء صلاتها، وتلاوة القرآن، وإضاءة الأنوار وتشغيل تكييف الهواء وتذكريها بالمهام. صحيح أن مراعاة هذه الفروق الدقيقة يتطلب جهداً كبيراً من القائمين على بناء التقنيات، ولكنها ستساعد على خدمة العملاء المعنيين بشكل أفضل. كما نقول في أمازون، إنه دائمًا اليوم الأول. اليوم، فعلاً لا يزال هو اليوم الأول بالنسبة لنا في رحلتنا نحو التمكين التكنولوجي

اترك تعليقا